البيان 24 . توقع بول تيودور جونز، الملياردير الأمريكي ومدير صندوق التحوط، ارتفاعاً مفرطاً في أسعار أسهم سوق التكنولوجيا.
فالتاريخ الذي يعيد نفسه كثيراً يؤكد أن الوضع الآن صار، حسب تعبيره، أكثر قابلية للانفجار مما كان عليه في عام 1999 فيما سمي آنذاك «فقاعة شركات الإنترنت»، وهذا الانفجار المتوقع يكمن في ثورة الذكاء الاصطناعي، وما يزيد القلق من هذا الوضع هو أن الولايات المتحدة الأمريكية تسجل حالياً عجزاً في الميزانية يبلغ 6%، بينما كانت تحقق فائضاً في عام 1999.
من يكون، إذاً، جونز الذي تؤخذ تحذيراته وقلقه مما هو آتٍ بقدر كبير من الجدية؟
المكاسب السنوية
بول تيودور جونز، الذي بلغ صافي ثروته حسب موقع فوربس 8.1 مليارات دولار في مايو الماضي، هو مؤسس ورئيس قسم الاستثمار في شركة «تيودور إنفستمنت» الذي يؤمن بفلسفة في التعامل مع الأسواق المالية تقول: «اصعد إلى القطار بسرعة وانزل منه بسرعة حسب الظروف».
وعندما سئل عن الأسواق الصاعدة قال، «ستجد أن أكبر الزيادات في الأسعار تحدث عادة خلال الاثني عشر شهراً السابقة للذروة، فهي تضاعف المكاسب السنوية، وإذا لم تشارك فيها، فستخسر العوائد المغرية، أما إذا شاركت، فعليك أن تكون سريع الحركة، لأن النهاية ستكون سيئة للغاية.
وكان جونز، الذي بدأ حياته العملية متداولاً في بورصة القطن في نيويورك، وعمل تحت إشراف تاجر القطن الشهير إيلي تولس، قد لمع اسمه بعد أن توقع وحقق أرباحاً من انهيار سوق الأسهم في عام 1987، وقبل أيام من الانهيار الذي عرف آنذاك باسم «الاثنين الأسود» اتخذ مراكز مالية مضادة للسوق توقعاً لانخفاض الأسعار، معتمداً على فهمه العميق لسلوك السوق، وقدرته على دمج التحليل الفني والعوامل النفسية للمستثمرين في قراراته الاستثمارية؛ ما جعله يحقق أرباحاً تجاوزت 100 مليون دولار، في حين خسر معظم المستثمرين أموالهم، فصار منذ ذلك الوقت من أشهر المتداولين في التاريخ الحديث، وواحداً من الرموز في عالم صناديق التحوط.
في مقابلة أجريت معه عام 2000 قال: إنه نادم على عدم مشاركته بشكل أكبر في «الاستثمار الجريء» في شركات التكنولوجيا خلال التسعينيات، وبعد ذلك بعشرين عاماً، أعلن أنه يمتلك البتكوين كوسيلة للتحوط ضد التضخم.
عالم التداول
ولد بول تيودور جونز في الثاني في سبتمبر عام 1954، في ممفيس، بولاية تينيسي، حيث مارس أبوه مهنة قانون النقل من مكتب يقع بجوار صحيفة «ذا ديلي نيوز»، التي تملكها عائلته وتديرها منذ عام 1886.
والتحق بجامعة فيرجينيا حيث كان بطلاً في الملاكمة للوزن المتوسط، ورئيساً لجمعية «سيجما ألفا إبسيلون» بالجامعة نفسها، وفي هذه الأثناء كتب لصحيفة عائلته تحت الاسم المستعار «بول إيجل» حتى يستطيع تغطية نفقات الدراسة، حتى حصل في عام 1976 على درجة البكالوريوس في الاقتصاد، وبعدها بسنوات تم قبوله في كلية هارفارد للأعمال ولكنه لم يذهب للدراسة، حيث كان في عام 1976، وبعد تخرجه في جامعة فيرجينيا، قد طلب من ابن عمه ويليام دونافانت جونيور أن يساعده على الدخول في عالم التداول، وكان دونافانت آنذاك يتولى منصب الرئيس التنفيذي لشركة «دونافانت إنتربرايزس» وكانت من أكبر تجار القطن في العالم، فأرسله ابن عمه إلى سمسار السلع وتاجر القطن الشهير إيلي توليس في نيو أورلينز، الذي وظفه عنده وعلمه أصول تداول العقود الآجلة للقطن في بورصة نيويورك للقطن، ولكنه طرده من العمل عندما وجده ذات يوم نائماً على مكتبه بعد إحدى الحفلات.
لم ييأس جونز، وبعد سنوات من العمل الجاد وفي عام 1986 استطاع الوصول إلى منصب «أمين الصندوق» ثم منصب «الرئيس» في بورصة نيويورك للقطن، واستمر في منصبه هذا حتى يونيو عام 1995، قبل أن يستقيل ليؤسس شركته الخاصة، التي بلغت قيمتها 12 مليار دولار في عام 2022، تديرها في استثمارات متنوعة، بما في ذلك التداول الكلي العالمي، والاستثمار الأساسي في الأسهم في الولايات المتحدة وأوروبا، والأسواق الناشئة، ورأس المال الاستثماري، والسلع، والاستراتيجيات القائمة على الأحداث، وأنظمة التداول الفنية، معتمدة في كل ذلك على خبرة جونز التي اكتسبها من عمله في تجارة القطن، وأهلته للتوسع في السلع الأخرى والأدوات المالية مثل عقود مؤشرات الأسهم وعقود العملات الآجلة، وكان «الاثنين الأسود» عام 1987، كما سبق الذكر، أحد النجاحات المبكرة والرئيسية في حياته؛ حيث ضاعف أمواله ثلاث مرات، محققاً عائداً قدره 125.9% بعد الرسوم، بأرباح قدرت بنحو 100 مليون دولار، وفي عام 1990 حققت شركته سيولة أكبر من خلال رئاسته لشركة Finex التابعة لبورصة نيويورك للأوراق المالية، والتي أنشأها بالتعاون مع زميله هانت تايلور، وكان على موعد آخر مع النجاح، حيث حدث في العام نفسه ما عرف باسم «انفجار فقاعة الأسهم اليابانية» ليحقق عائداً بنسبة 87.4% من خلال البيع على المكشوف في السوق، ولكنه أغلق في العام التالي «صندوق تيودور للعقود الآجلة» وأعاد رؤوس أموال المستثمرين، ثم بعدها بثلاث سنوات وفي عام 1994، دفعت شركته غرامة قدرها 800 ألف دولار، وكانت ثانية كبرى الغرامات في ذلك الوقت، إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات نتيجة بيع أسهم مقترضة في أثناء انخفاض السهم.